السفر الى الفضاء

 الرحلات الفضائية


حلم السفر إلى الفضاء والتحليق عاليا، حلما كان يراود البشرية منذ القدم، ثم جاءت محاولات الطيران الاولى لتمكن الإنسان من التحليق عاليا وفوق السحاب، ثم مالبث أن تطور حلمه لينتقل خارج حدود الأرض ويمتلك الفضاء، في محاولة منه لمعرفة ماهو خارج حدود تلك الأرض، واستمر الفضول البشري لسبر أغوار الكون بداية من مجموعتنا الشمسية وذهبت الأحلام إلى ما هو أبعد من ذلك وتعداها إلى الوصول إلى ما هو أبعد من نجوم أخرى بل والمجرات البعيدة. عندها بدأت الفكرة في إرسال مركبات لتجوب الفضاء، لتجمع المعلومات عن الكون. فكانت البداية في اختبار إمكانية تواجد الإنسان خارج المجال الجوي للأرض، وبعدها بدأ بالقمر وهو أقرب الأجرام الفضائية إلينا، وأرسل الرحلات الغير مأهولة لتطوف في المجموعة الشمسية وتجمع المعلومات من هنا وهناك.

وخطط الإنسان لما هو أبعد من ذلك، وهو العيش خارج الأرض، فبدأ بالمحطات الفضائية لتجربة الإقامة لفترات طويلة وتأثيرها على الإنسان، في بداية للانطلاق في رحلات مأهولة وطويلة.

الحرب الباردة وغزو الفضاء




بدأت فكرة غزو الفضاء عند الروس أولا والتي أشعلت نار المنافسة بين القوتين العظميين في ذلك الوقت روسيا وأمريكا، فقد كانت البداية واضحة جداً بتفوق روسي بدأ بإطلاق أول قمر صناعي روسي إلى الفضاء في نهاية العقد الخامس من القرن العشرون، واشتعلت المنافسة في حقبة الستينات حيث كانت على أشدها، واستمر السباق بين الدولتين حتى هبوط أول إنسان على سطح القمر بواسطة المركبة الأمريكية أبوللو 11 في عام 1969.

وفي مجال تطور وصناعة الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية لابد وأن نذكر دور العلماء الألمان في تطوير تلك الصواريخ، حين بدء علماء ألمان وفي مقدمتهم ويرنر فون براون عالم الصواريخ الألماني والذي كان له دور كبير وإسهامات في تطوير صواريخ ساعدت الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية.وبهزيمة ألمانيا تسابقت كلا من أمريكا وروسيا على العلماء والمهندسين في برنامج الصواريخ الألمانية.

بدأت تقل المنافسة على غزو الفضاء بعد هبوط الأمريكان على سطح القمر، وجاءت النهاية بالمهمة المشتركة بين الدولتين التي تسمى (أبوللو- سيوز) في عام 1975. حيث التحمت مركبة الفضاء السوفيتية (سيوز 19) مع مركبة الفضاء الأمريكية أبوللو، ويقوم رواد الفضاء من كلا الدولتين بالعبور إلى مركبات بعضهم البعض وإجراء التجارب المشتركة. استمرت مساعي الدولتين في الفضاء في اتجاهات مختلفة وبذلك انتهى عصر المنافسة.

ويدعي الروس أنهم هم من ربح السباق عند إرسالهم أول إنسان إلى الفضاء لكن من جانب آخر يدعي الأمريكان بأن هبوط أول إنسان على سطح القمر هو نجاحهم في السباق.

وآيا كان الفائز في السباق فقد فازت البشرية من هذا التحدي، وتحول من الاتجاه العسكري إلى الاتجاه السلمي، وزودنا بمعلومات وصور عن الكون لم نكن نعلمها، وزادت من شغف البشرية لمعرفة المزيد، وذهبت الأحلام إلى سبر أغوار الكون برحلات فضائية سواء مأهولة أو غير مأهولة.

بداية عصر الفضاء


كانت بداية عصر الفضاء في اليوم الرابع من أكتوبر من عام 1957م. عندما أطلق الاتحاد السوفييتي أول قمر صناعي يسمى (Sputnik
 1) سبوتنيك 1 ، ليدور حول الأرض. والذي أطلق واستمر الاتصال به مدة واحد وعشرين يوم.

بعد أربعة شهور تقريباً من إطلاق سبوتنك 1، أطلقت الولايات المتحدة قمرها الصناعي الأول (Explorer 1) المستكشف 1، لكن بعد الكثير من المحاولات الفاشلة لإطلاق الأقمار.

استخدمت الأقمار الصناعية الأولى للأغراض العلمية كجزء من اشتراك كلا من الدولتين في السنة الجيوفيزيائية العالمية، فكان القمر الصناعي السوفيتي (سبوتنك 1) بغرض دراسة ومعرفة خصائص كثافة الجو الأعلى للأرض (الإيونوسفير) وكثافة الأيونات في تلك الطبقة من الغلاف الجوي، أما القمر الصناعي الأمريكي (المستكشف 1) فكان لدراسة وتسجيل البيانات والتي أدت إلى اكتشاف حزام إشعاع فان آلن.

 أول كائن حي يصل إلى الفضاء


بدء الروس ذلك السباق المحموم للفضاء وتبع القمر الأول بثاني بعد عام واحد وذلك في نوفمبر 1957م، وحمل معه أول كائن حي إلى الفضاء وكانت هي الكلبة الروسية والتي تسمى لآيكا (Laika)، ومن خلال تلك الرحلة درس العلماء كيفية حياة وتكيف كائن حي في الفضاء، واستمر هذا القمر في مداره مدة 162 يوماً، ولكن الكلبة ماتت من الإجهاد بعد وصولها إلى الفضاء بفترة وجيزة.

تابع الروس رحلاتهم وتجارهم على الكلاب فأرسلوا المزيد من الكلاب إلى الفضاء وعادت بسلام إلى الأرض. وعلى الجهة الأخرى قام برنامج الفضاء الأمريكي بإرسال القرود إلى الفضاء فأرسلوا على الأقل ثلاثة منهم في رحلات مختلفة، وذلك قبل إطلاق أول رائد فضاء بشري أمريكي. ولم تكن السلاحف منأى عن تلك الاختبارات فأرسل الروس عام 1968 رحلة لهم والتي تعتبر أول حيوانات تطير حول القمر.

تبع ذلك القمر الصناعي الثالث والذي صمم ليكون مختبراً جيوفيزيائياً وأطلق في مايو 1958م وكانت مهمته إجراء التجارب على المجال المغناطيسي للأرض وطبقة الأيونوسفير واستمر في المدار وإرسال البيانات حتى عام 1960م.

بداية الرحلات المأهولة


تقدم الروس مرة أخرى بإرسالهم أول رحلة فضائية مأهولة يوم 12 أبريل عام 1961م، حين دار رائد الفضاء السوفييتي يوري جاجارين حول الأرض في السفينة الفضائية فوستوك 1 في رحلة استغرقت 108 دقائق.

وبعد 23 يوماً من إطلاق الروس لأول إنسان في الفضاء، قامت أمريكا بإرسال رائد الفضاء الأمريكي آلن شيبارد برحلة قامت بدوران فرعي لمدة 15 دقيقة في الفضاء. ثم بعد ذلك قامت بإرسال رائد الفضاء الأمريكي جون جلين ليدور حول الأرض في عام 1962 ليصبح هو أول رائد فضاء أمريكي يدور حول الأرض.

تابع الروس التفوق على الأمريكان فأطلق رحلة في عام 1963 وتحمل على متنها أول امرأة لتكون بذلك أول رائدة فضاء،  وهي فالينتينا تيريشكوفا . وأجرى رائد الفضاء السوفيتي ألكسي ليونوف أول عملية مشي في الفضاء في عام 1965 التي واجه فيها بعض الصعوبات في العودة إلى الكبسولة.

المحرك النفاث لننطلق إلى الفضاء


المحرك النفاث أو الصاروخي هو المحرك الذي يعمل عن طريق سحب الهواء من الأمام ودفعه على شكل غازات من الخلف بسرعة فائقة لينتج قوة دافعة اعتماداً على مبدأ قانون نيوتن الثالث للحركة والذي يقول "لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه "، حيث تعمل ردة فعل خروج الغازات على دفع المركبة إلى الأمام. وبين النفاث الذي تستخدمه الطائرات والصاروخي الذي تستخدمه المركبات الفضائية هو أن المحرك الصاروخي يحتوي على مواد الاحتراق والهواء داخل اسطوانات ولا يحتاج في معظم أنواعه إلى الهواء الخارجي حيث يستطيع العمل في الفراغ خارج الغلاف الجوي. فكلاهما يستخدموا نفس المبدأ وهو ردة فعل الهواء العادم.

ولشرح كيفية الفعل ورد الفعل عند إطلاق صاروخ معين، في حالة السكون فإن المركبة تقابل قوى متوازنة. فمثلا أي صاروخ على منصة الإطلاق تكون القوى متوازنة، عملا بمبدأ قانون نيوتن الأول للحركة وهو "يظل الجسم في حالته إما السكون التام أو التحرك في خط مستقيم بسرعة ثابتة ما لم تؤثر عليه قوة تغير من حالته"، فيظل سطح منصة الإطلاق تحاول أن تدفع الصاروخ للأعلى بينما الجاذبية تحاول سحبه للأسفل. وعندما تعمل المحركات، ذلك الدفع يخل بتوازن القوى، وحيث أن الصاروخ يعمل بطرد الغاز خارج المحرك، ورد الفعل هو حركة الصاروخ في الاتجاه المعاكس، ولتمكين المركبة من الإقلاع من منصة الإطلاق، فيجب أن يكون الدفع من المحرك أكبر من كتلة الصاروخ حتى يتسنى له من التحرر والانطلاق، عندئذ سينطلق الصاروخ إلى الأعلى صاعدا، ولكن هناك مؤثر يؤثر على الصاروخ المنطلق، فإثناء الانتقال خلال الهواء يسبب ذلك احتكاكا أو عائق، وذلك يتسبب في عرقلة الهواء المحيط لرد فعل العمل، وسيظل يعملان هذان المؤثران على إنطلاق الحركة لأعلى طالما كانت القوة المؤثرة لدفع الصاروخ أكبر من القوة التي تعرقلة من جاذبية وإحتكاك الهواء، ولكن عندما يستنفذ الصاروخ وقوده، سوف تتباطأ الحركة عندما تقل القوة الدافعة له وستزيد قوة تأثير مقاومة الهواء له، ويتوقف عندها عند أعلى نقطة في طيرانه، ثم يبدأ بالتراجع إلى الأرض بفعل تأثير القوى الجاذبية.

هذا داخل الغلاف الجوي وفي حدود الأرض، ولتمكين مركبة من الارتفاع إلى مدار الأرض المنخفض، فمن الضروري للوصول إلى سرعة معينة تتعدى 28,000 كيلومتر في الساعة، والسرعة أكبر من 40,250 كيلومتر في الساعة تسمى سرعة الإفلات أو الهروب، ويمكن عندها أن يترك الصاروخ الأرض والسفر إلى الفضاء. ويتطلب الوصول إلى سرعة الإفلات للمركبة محرك صاروخ بقوة كافية حتى يتمها في أقل وقت ممكن. بمعنى أخر، يجب أن يحرق المحرك كمية كبيرة من الوقود ويخرج الغاز الناتج من المحرك بسرعة وقوة كافية بقدر الإمكان.

وفي الفضاء فإن الأجسام في الفضاء تتأثر بأي قوى تقابلها أيضا، فمركبة فضائية سوف تتحرك في الفضاء وستتخذ حركة ثابتة اكتسبتها عند الانطلاق، وستسير في خط مستقيم طالما كان هناك توازن في القوى عليها. وهذا يحدث فقط عندما تكون المركبة الفضائية بعيدا جدا عن أي مصدر جاذبية كبير مثل الأرض أو كواكب أخرى أو أي جرم سماوي ذا تأثير جذبي. فإذا ما اقتربت المركبة الفضائية من جسم كبير في الفضاء، فإن جاذبية ذلك الجسم سيخل بتوازن القوى ويقوس طريق المركبة الفضائية. فمثلا عندما يرسل قمر صناعي بصاروخ في مدار يوازي سطح الأرض، سيتم دفع الصاروخ للمركبة الفضائية بسرعة كافية حتى تتمكن من أن تدور حول الأرض، وإن وصلت إلى ذلك المدار ستظل في حركتها هذه إلى الأبد طالما لم تقابل أي قوة غير متوازنة أخرى، مثل الاحتكاك بجزيئات الغاز في المدار أو إطلاق محرك المركبة للغاز في الاتجاه المعاكس من حركته لتعديل حركة أو مدار المركبة الفضائية، وهكذا.

سفر المركبة في الفضاء



السؤال الآن كيف تستطيع السفينة الفضائية التحرك والسفر لسنين عبر الفضاء، هل تحمل معها الوقود اللازم لرحلتها كلها أم ماذا تستخدم.

المركبة الفضائية تعمل بالوقود عند إطلاقها حتى تصل إلى خارج حدود الأرض وتتخلص من جاذبيتها، عندها ستكون قد اكتسبت سرعة معينة، وحسب قانون نيوتن فإن الجسم طالما اكتسب سرعة وتحرك سيتحرك إلى الأبد طالما لم تؤثر فيه قوة أخرى تؤثر عليه سواء بزيادة سرعة أو اتجاه أو أي تأثير أخر،  لذا ستتحرك المركبة بالسرعة التي اكتسبتها وتسافر بدون الحاجة إلى وقود. ولكن المركبة قد تحتاج إلى تعديل مسار خلال رحلتها، حينئذ فإن الصواريخ التي تحملها السفينة الفضائية سوف تستخدم وذلك لتبطئ السرعة أو لزيادتها أو لتغيير اتجاهها. لذا فالمركبة الفضائية تحمل معها الوقود اللازم لإجراء تلك العمليات فقط، لذا يقوم مهندسو الرحلات بحساب الوقود اللازم فقط حتى لا تحمل المركبة أكثر من حمولتها فتكون مركبة ذات كتلة ضخمة أو أقل فلا تستطيع أن تكمل رحلتها، وسوف يأخذون في الحسبان عدد المناورات التي سوف تقوم بها المركبة لتعديل سرعة أو اتجاه للتنقل من مدار إلى مدار أخر حسب وجهة المركبة الفضائية. ففي كل مناورة تحتاج المركبة لوقود لتنفيذ تلك المهمة، لذلك يتم حساب عدد المناورات المطلوبة وكتلة المركبة خلال رحلتها لحساب كمية الوقود المناسبة لتلك الرحلة.

المناورة المدارية


المناورة المدارية في السفن الفضائية هي استعمال أنظمة الدفع لتغيير مدار مركبة فضائية للدخول إلى مدار معين أو الخروج منه.


تعبيراتتعبيرات