الكواكب القزمة و الكويكبات الخارجية

الكويكبات الخارجية والكواكب القزمة


لو اعتقدنا أن جولتنا في النظام الشمسي تنتهي عند نبتون أو بلوتو، فإننا نكون قد وضعنا أنفسنا في حيز ضيق جدا ونكون قد ظلمنا شمسنا بما لها من قوة ولم نقدر ما هي المسافات التي تفصل النجوم بعضها عن بعض.

كواكب النظام الشمسي قريبة جدا نسبيا من الشمس إذا ما قارنا ذلك مع الفضاء الواسع الذي بين النجوم، وكما نعرف أن بلوتو يدور حول الشمس في مسافة متوسطة تقدر بأربعين مرة مسافة الأرض عن الشمس أي أربعون وحدة فكلية، رغم ذلك فإن النجم الأقرب إلى النظام الشمسي ( نجم الفا قنطريوس) يبعد عنا 260,000 مرة المسافة بين الأرض والشمس، بيننا وبين ذلك النجم صحراء شاسعة واسعة هائلة من الفضاء الواسع بين النجوم.

أكثر المذنبات، مثل مذنب هال بوب 
Hall Bopp وهايكوتيك Hyakutake، لوحظوا وكانوا قريبين نسبيا، هال بوب كان على نحو بعيد جدا من الشمس من أي مذنب آخر حتى الآن، وكان أبعد من المشتري.

لكن تلك المذنبات لابد وإنها جاءت من مكان ما حيث تصبح تلك المذنبات باردة جدا (وإلا تبخروا بسرعة بفعل وتأثير الشمس) ونحن لا نستطيع رؤيتهم هناك، فلابد وأنهم جاءوا من مكان بعيدا جدا عن الشمس.

في خمسينات القرن السابق قاس العالم جان أورت 
Jan Oort مدارات المذنبات وأستنتج بأنهم لابد وأنهم جاءا من غيمة كروية واسعة مركزها الشمس ويمكن أن تكون كبيرة جدا وبقطر يبلغ حوالي السنة الضوئية، وأي مذنب أو جسم قد يستغرق ملايين السنوات ليدور دورة واحدة حول الشمس من على تلك المسافة، وقد أطلق عليها سحابة أو غيمة أورت.

لكن ذلك لا يوضح ملاحظة بسيطة وهي أن العديد من مذنبات المدى القصير (مذنبات المدارات القصيرة) لا تبدو أنها تجئ من تلك المسافة وفي اتجاهات عشوائية، كما هم في تلك الغيمة الكروية، لكن يبدو أنها من مستوى يتوافق ومدارات كواكب نظامنا الشمسي. عالم فلكي آخر وهو كايبر 
Kuiper، أبدى اقتراحا وقتها بأن هذه الأجسام جاءت من مكان أقرب كثير إلى الشمس، واستقرت في قرص مستوي أقرب يفسر مدارات تلك المذنبات، وأطلق على تلك المنطقة حزام كايبر.

لسنوات لم يكتشف أحد أجسام من داخل حزام كايبر، لكن في عام 1992 اكتشف العالمين جان ليو وديف جيويت Dave Jewitt and Jane Luu جسما هناك وأطلق عليه اسم 1992 QB1 ، وقد كان أول شئ مؤكد وجوده فيما بعد مدار بلوتو.

ومنذ ذلك الحين وجد العشرات منها، وهم أجسام خافتة جدا وصغيرة جدا، والكثير منهم يبدو بلون مائل للحمرة قليلا، الأمر الذي قد يشير إلى إمكانية وجود مركبات عضوية (والتي هي ضرورية للحياة، لكن لا يعني ذلك بالضرورة أن هذه الأجسام عليها حياة)، ويصنف بلوتو كواحد من تلك الأجسام، وهذه الأجسام ربما تشكلت بطريقة تختلف عن الكواكب الأخرى الموجودة بالمجموعة الشمسية.

الكواكب القزمة في حزام كايبر




نظرا للبعد الهائل لا نستطيع رؤية أغلب الأجسام في حزام كايبر Kuiper belt بشكل كافي وجيد لنقرر سواء كانوا كروي الشكل أم غير ذلك، في حزام الكويكبات الرئيسي الجسم الوحيد الكبير والذي تنطبق عليه مواصفات الكوكب القزم وهو سيرس Ceres والبالغ قطره حوالي 900 كيلومتر. أجرام حزام كايبرKuiper belt  تحتوي على الكثير من الثلج داخلهم، وحيث أن الثلج ليس صلبا كالصخور، لذا تلك الأجرام تكون أقل صمودا للجاذبية ويمكن جذبهم بسهولة لأي جرم أخر، ومن السهل أن يأخذوا الشكل الكروي. أفضل دليل لتصور جسم كبير ومتجمد ويأخذ الشكل الكروي هو دراسة أقمار الكواكب العملاقة. الجسم الأصغر والكروي تقريبا هو القمر ميماس وهو القمر التابع لكوكب زحل Mimas، والذي يبلغ قطره حوالي 400 كيلومتر. وعدة أقمار أخرى لها أقطار حول 200 كيلومتر وليست كروية الشكل. لذلك فبين 200 إلى  400 كيلومتر أي جسم ثلجي سيأخذ الشكل الكروي. فالأجرام التي تحتوي على ثلج أكثر ستكون كروية عند أحجام أقل والتي تحتوي على صخور أقل ستكون أكبر. وسنأخذ حجم 400 كيلومتر كحد أدنى معقول ونفترض بأن أي جرم أكبر من 400 كيلومتر في حزام كايبر Kuiper belt سيكون من الطبيعي كروي الشكل، وبذلك سيكون كوكب قزم.

لا يمكن في وقتنا الحاضر تحديد عدد الأجسام التي يتعدى قطرها 400 كيلومتر في حزام كايبر، ولم يتعدى العدد المعروف إلى الآن أكثر من حفنة من تلك الأجسام، وحتى أواخر أغسطس 2006 كان ما اكتشف يبلغ 44 جرما يصلوا لهذا الحجم أو أكبر في حزام Kuiper، وواحد هو سيدنا (Sedna) في المنطقة ما بعد الحزام. بالإضافة إلى عمليات المسح الذين يقومون بها عن طريق المراصد اكتشف تقريبا حوالي 30 جسم أكبر من هذا الحجم وهم تحت الدراسة حاليا.

الكواكب القزمة والبعيدة مثال لبلوتو Pluto، وهيوما Haumea وإيرس Eris، ومكماكي Makemake لهم مدارات بعيدة جدا عن الشمس. ذلك يجعلهم أماكن باردة جدا. وأبرد حتى من قطبي الأرض الشمالي والجنوبي. والتراكيب الداخلي للكواكب مثل الأرض والمريخ مكونة من الصخور، أما التراكيب الداخلية للكواكب القزمة بلوتو وغيره مكونان من الثلج، والسطوح مغطي بالثلج أيضا.

وهي بارد جدا لدرجة أن الهواء يتجمد عليها. كما أن الثلج على أسطح تلك الكواكب القزمة ليست فقط ثلج مائي، بل من عناصر أخرى، فسطح بلوتو يحتوي على ثلج من النتروجين وكميات صغيرة من الميثان وأول أكسيد الكربون، وربما الإيثان أيضا. أما سطح مكاماكي فهو مكسو بثلج الميثان والإيثان، وربما أيضا النتروجين. وقد أكتشف  الفلكيون ثلج الميثان على سطح إيرس، اما الكوكب القزم هويما Haumea مختلف نوعا ما، فهو مغطى بثلوج مائية وسطحه لامع كالثلج.

على الأرض وفي درجات الحرارة الطبيعية لدينا، فإن النتروجين والميثان وأول أكسيد الكربون والإيثان كلها في الحالة الغازية. أما على هذه الكواكب القزمة الباردة، فإن الغازات تتجمد وتتحول إلى ثلج صلب.


تعبيراتتعبيرات